ورزازات
استكشاف مناطق الجنوب الواسعة في عطلة نهاية الأسبوع

هل ترغب في الابتعاد قليلا عن نمط الحياة اليومية والخروج لخوض مغامرة مميزة؟ امنح لنفسك فرصة الاستمتاع بمنطقة ورزازات، بوابة الصحراء. من خلال السير تحت ظلال أشجار النخيل، ستجد نفسك في الطريق نحو المناطق الشاسعة بالجنوب المغربي، وفيها ستكتشف عددا كبيرا من المناظر البانورامية التي تخطف الأنفاس: قصبات شيدت بشكل رائع للغاية فوق التلال، واحات خضراء وسهول تمتد الأضواء على مساحاتها الكبيرة. تحتفظ مدينة ورزازات بذكريات الماضي وزمن القوافل، وبذلك فهي محطة استثنائية للتجول وربط العلاقات مع الناس وكذلك للاستكشاف. وسواء كنت مع العائلة أو برفقة الأصدقاء، فهذه المدينة توفر عددا من الفضاءات و الاسواق للتجول، وحرف تقليدية مختلفة واستوديوهات سينمائية وعدد كبير من الأنشطة والهوايات التي يمكن ممارستها والاستمتاع بها في الهواء الطلق… لن تحس بمرور الوقت في ورزازات!

اليوم الأول

قبل التوجه إلى الطريق المؤدية إلى منطقة دادس، خصص بضع ساعات من وقتك للتجول قليلا وسط مدينة ورزازات. توجه في البداية إلى المنطقة حيث توجد قصبة تاوريرت التي تعتبر النواة الجغرافية الأولى للمدينة. يوجد هذا المجمع المميز الذي بني بنوع من التراب يعرف بطوب اللبن (طريقة للبناء باستعمال الطين) في قلب المدينة ولا يزال إلى يومنا هذا يضم قصرا يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر. وفي نفس الموقع، يمكن كذلك لعشاق الحرف التقليدية زيارة مجمع يضم ورشات أشغال الحجارة وحرفيي النحاس والفضة. غير بعيد عنه، يمكنك أيضا زيارة إحدى أقدم التعاونيات النسائية بالمنطقة والمتخصصة في النسيج حيث يقمن فيها بصناعة الزرابي. تقوم التعاونية بإعداد وعرض مختلف أنواع الزرابي، مثل زربية الأطلس الكبير وزرابي الشدوي وأخنيف. وفي الجهة المقابلة لمدخل القصبة، يوجد متحف السينما. ستمكنك زيارته من التعرف أكثر على ما يتعلق بتطور هذه الصناعة الأسطورية في المنطقة.

شاهد المزيد

ولاستكشاف باقي مناطق مدينة ورزازات، يمكن السير على طول ممراتها الرئيسية والتي تشكل مركز المدينة، وأبرزها زنقة السوق وشارع محمد السادس وزنقة البريد. لأخذ فكرة عن حيوية المدينة، لا تتردد في الجلوس على شرفة أحد المقاهي التي توجد في ساحة الموحدين الفسيحة أو في ساحة 3 مارس. كما يمكن لعشاق الزرابي الاستمتاع في شارع محمد الخامس بمجموعة رائعة تعرض في متحف الزرابي الجديد. وبالقرب من هذا المتحف، ستجد سوقا يوفر بدوره فرصة أخرى للوقوف على الحرف التقليدية التي تتميز بها المنطقة، كالفخار والنسج والحلي الأمازيغية. ولا تزال الأساور والمشابك المصنوعة يدويًا هي الوسائل الأساسية للتزين بهذه المنطقة، حيث تستعملها النساء في المناسبات وغيرها. على بعد حوالي خمسة عشر دقيقة من السير من وسط المدينة، يوجد حي اسفوتليل، الذي يضم تعاونية نشيطة ومعترف بعلامتها في الصناعات النسيجية وصناعة السلال، والتي تشتغل منذ سنة 2013. يمكنك استغلال هذه الفرصة لاقتناء حقيبة صغيرة مصنوعة من ثوب الكتان أو من ثوب الجوت، أو وشاح جميل أو سلة يتم إعدادها من سعف شجر النخيل.

تعتبر تنغير الوجهة المناسبة للاستمتاع بالطبيعة، وهي قرية صغيرة تقع في وادي تودغا مقابل جبل صغرو، حيث يمكن التوغل قليلا في عمق وادي دادس لاستكشاف عدد من القصبات الرائعة. قبل الوصول إلى وادي الورود، توقف قليلا في سكورة، هذه المنطقة التي تتميز بنظام مبتكر لسقي الأراضي (معروف باسم السقية)، عبارة عن واحة شاسعة للنخيل ومليئة بالقلاع والقصبات المحصنة. ستستمتع فيها بعدد من المعالم المعروفة لقصبة أمريديل التي تتميز بهيبة كبيرة وخاصة، والتي كانت صورتها تزين سابقا الأوراق النقدية من فئة 50 درهم. تم بناء هذه القصبة في القرن السابع عشر، بحيث خضعت واجهتها للإتقان أثناء تشييدها، وتضم حاليا متحفًا يعرض المزيد من المعلومات حول الحياة اليومية وكل ما له علاقة بالمنطقة.

شاهد المزيد

وهناك موقع آخر فريد من نوعه في المنطقة، وهو تعاونية جبن الماعز، والتي يمكن زيارتها بعد تأكيد طلب زيارتكم. تأسس هذا المشروع التعاوني سنة 2010 ويساهم في ذر المدخول على نساء هذه المنطقة القروية. فلا تتردد في اقتناء المنتوجات اللذيذة التي تعرضها التعاونية أو تذوق بعضها خلال تواجدك في عين المكان، حيث يمكن إضافة قليل من العسل إليها أو القليل من زيت الزيون أو زيت أرغان، فتصبح لذيذة ورائعة.

يقع وادي دادس بين منطقتي قلعة مكونة وبولمان دادس، والذي يطلق عليه أيضا اسم وادي الورود. يضم هذا الوادي سلسلة متتالية من القرى الصغيرة تتميز بهندسة مميزة لمنازلها التي بنيت من التراب وكذلك بثروة حدائقها وبساتينها الغنية جدا. مع حلول فصل الربيع، تصبح المنطقة مهرجانا حقيقيا يجمع بين الألوان الزاهية والروائح الزكية. إذا أتيحت لك فرصة زيارة المنطقة تزامنا مع مهرجان الورود، فإنك ستستمتع من دون شك في قلعة مكونة بأجواء احتفالية رائعة، وخصوصا خلال تنظيم الكرنفال الكبير للورود.

شاهد المزيد

وتقول الأسطورة بأن الرائحة الساحرة لورد دمشق تحوم فوق الوادي منذ القرن العاشر وأن الحجاج العائدين من موسم الحج بمكة هم من قاموا بزرع بذور هذه النباتات في المنطقة. وإلى يومنا هذا، ما يزال تقطير ماء الورد الثمين يتم بطريقة تقليدية بالمنطقة بالرغم من أنه قد تم تعويض الأنابيق (أواني التقطير) الطينية بالنحاسية. ويعتبر ماء الورد جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية في الوادي، إذ يستخدم في التجميل والعلاج والطبخ لإعداد وجبات الطعام اللذيذة. أثناء تناول الشاي، تكون رائحة الورد الزكية حاضرة بقوة في المشروب وكذلك في مذاق الحلوى التي ترافقه. إنها فرصتك لأخذ استراحة صغيرة. قبل مغادرة قلعة مكونة، لا تتردد في استفسار أبناء المنطقة عن الوجهة التي تؤدي إلى دوار أزلاغ، وهي قرية صغيرة تشتهر بتعاونية لصنع الخناجر، حيث لا تبتعد عن المدينة سوى ببضعة كيلومترات. وهي فرصة كذلك لم لا لاقتناء قطعة جميلة للديكور.

وأنت تتنزه في المنحدر الجنوبي للأطلس الكبير في الاتجاه الذي يؤدي إلى تنغير، تمعن في جمال ألوان مضايق تودغا. تعد هذه المضايق الرائعة والمتميزة بارتفاعها الذي يصل 300 متر ومساراتها الكثيرة مناسبة للمشي لمسافات طويلة، حيث تعتبر هذه المنطقة بمثابة جنة بالنسبة لهواة التنزه والمتسلقين. أما بلدة تنغير ذات البنايات الترابية والصغيرة، فهي نقطة أخرى للانطلاق في رحلات للمشي والتسلق، حيث يمكنك على حسب ذوقك واختيارك استكشاف ممرات ومسارات توفر مناظر بانورامية رائعة ومتميزة…

لا تفوت:
تُعرف مدينة تنغير بكونها المكان المثالي للاستمتاع بأكلة المدفونة الساخنة. يتم طهي هذا الخبز الدائري المحشو بالبصل وشحم البقر فوق أحجار ساخنة جدا أو بواسطة نيران الحطب داخل فران تقليدي. من الأفضل أكل هذا الطبق وسط الأجواء البهيجة التي تميز سوق الاثنين، حيث يلتقي تجار مختلف أنواع السلع وبائعي الخضر والزرابي والحلويات.


اليوم الثاني

قبل الوصول إلى الصحراء، تمتع باستراحة تحت شجرة من أشجار النخيل بالقرب من بحيرة سد المنصور الذهبي في واحة فينت. فينت تعني في اللغة الأمازيغية “المخفي”، وهي عبارة عن مكان أخضر رائع تحيط به أعداد من الصخور والأحجار. استمتع بالسير على طول الوادي تحت أشجار النخيل الشامخة، ثم التقي بسكان هذه المنطقة القروية المعروفين بالطيبوبة في التعامل والكرم. وإذا كنت ترغب في استكشاف واحة فينت على إحدى المركبات، فذلك ممكن إذ يتم تنظيم جولات بواسطة الدرجات الرباعية (الكواد) وعربات “البوغي”، انطلاقا من ورزازات.

للذهاب إلى منطقة الصحراء، يمكنك أن تسلك الطريق المتجه ناحية الجنوب الشرقي للمدينة. ستكتشف في الطريق حقولا شاسعة لأشجار النخيل على طول وادي درعة، تم زرع أعداد هائلة منها على أرض واحة تمتد مساحتها لأزيد من 200 كيلومتر. يدين جمال هذا المنظر الخلاب إلى واد درعة الذي يمتد من تاوريرت حتى أبواب الصحراء. لن تمل أبدًا خلال هذه الرحلة من الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة التي تتباين فيها المساحات الخضراء مع الصخور الحمراء.

شاهد المزيد

تعتبر منطقة أكدز بوابة حقيقية لوادي درعة، وقد كانت تعتبر لفترة طويلة محطة توقف مزدهرة على الطريق الذي تسلكه القوافل التي تربط مراكش بمدينة تومبوكتو الأسطورية. بعد أكدز مباشرة ستصل قصبة تامنوكالت، التي لا ينبغي تفويت فرصة التوقف فيها. بنيت هذه القصبة في القرن السادس عشر، وهي إحدى أقدم القصبات في الوادي، وتضم في وقتنا الحالي متحفًا صغيرًا. تشكل هذه الواحة من النخيل مصدر فخر لهذه المنطقة، فلا تتردد في اقتناء قليلا من التمور قبل الاستمرار في رحلتك عبر واحة النخيل أولاد إبراهيم وورك الفايجة، الذي يوجد في الاتجاه الذي يؤدي إلى محاميد الغزلان.

توجد منطقة محاميد الغزلان وراء واحة درعة وكأنها تفتح ذراعيها على رمال الصحراء الممتدة على مد البصر. تتميز المناظر الطبيعية الساحرة لهذا المكان بالحضور القوي لكثبان شكاكة العظيمة. على هذه الجبال الرملية المتميزة، تنتظرك جولة فوق ظهر الجمال وقت غروب الشمس، فالاستمتاع بعد ذلك بوجبة عشاء تحت النجوم ويليها قضاء ليلة لا تنسى في أجواء هادئة تحت الخيام.

لا تفوت: تعرف تامكروت بكونها جنة عشاق الفخار التقليدي، وتشتهر بفخارها الأخضر. ويتم صناعة الفخار من طين منطقة درعة، حيث يتم إنتاج العديد من المواد منه بما فيها أوعية الحساء وأوعية الفاكهة والقرمود الخاص بالديكور، وكذلك المصابيح الزيتية التي كانت تستخدم قديما داخل القصبات.

الموقع المفضل لدى هيئة التحرير

إذا كان ولا بد من تفضيل مكان واحد في منطقة ورزازات، فهذا الموقع من دون تردد هو قصبة آيت بن حدو ذات الهيبة الخاصة. تقع هذه التحفة المعمارية المصنفة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي للإنسانية على بعد حوالي ثلاثين دقيقة شمال غرب المدينة وتقدم نموذجا عن نمط السكن التقليدي لمنطقة ما قبل الصحراء. شيد هذا المعقل المحصن والمحاط بالأسوار على تل، حيث كان الهدف من بنائه في البداية هو حماية السكان من أي هجوم قد تتعرض له المنطقة. وقد ذاع صيت شكله الجميل في كل أنحاء العالم، حيث أصبح من الرائع التقاط صور أثناء تغير الضوء على جدرانه الترابية العالية جدا. يتميز المكان بسحر خاص، خصوصا أثناء فترة شروق الشمس. ولحسن الحظ، وبعد أن كان الانهيار يهدد قصبة آيت بن حدو، فقد حظيت بالاهتمام والرعاية الكاملين من طرف مركز ترميم وتوظيف التراث المعماري بالمناطق الأطلسية وما وراءها (CERKAS).

شاهد المزيد

وإذا كان التوقف بهذا المكان يسعد عشاق التراث، فإنه يجذب أيضًا عشاق رياضة الركوب على الدراجات، لأن القصبة هي نقطة انطلاق الرحلات التي تتم على الدراجات الرباعية، الكواد. بعد الانتهاء من زيارة القصبة، من الجميل مشاهدة الموقع بمنظور مختلف من خلال الذهاب إلى أحد الشرفات المجاورة للمكان.

إذا كان لديك يوما إضافيا…

إذا كان لديك يوما إضافيا، فأفضل وجهة هي المتنزّه الوطني إيريكي الذي يقع في المساحة الجافة لواد درعة وعلى سفح جبال الأطلس الصغير، وبالتحديد بين فم زكيد ومحاميد الغزلان. يقع هذا المنتزه على بعد 150 كيلومترا جنوب ورزازات و80 كيلومترا جنوب غرب زاكورة، حيث يغطي مساحة نحو 123000 هكتار. يزخر الموقع بمؤهلات هائلة جدا للسياحة البيئية، ويتوفر على طبيعة غنية جدًا تجمع عددا هاما من مختلف أنواع الطيور، مثل طيور النحام الكبير وغر أوراسي، وكذلك الثدييات، مثل غزال دوركاس والضأن البربري، وأنواع مختلفة من الزواحف.

شاهد المزيد

ويسعى المتنزه لحماية الأنواع الحيوانية وكذلك لإعادة بناء غنى الثروة الحيوانية الصحراوية لهذه المنطقة، حيث شرع في مهمة إعادة إدخال أنواع حيوانية مثل المها والنعام أحمر العنق. بعد استراحة الغذاء في فم زكيد، يمكن الرجوع إلى ورزازات عبر تازناخت، تشتهر هذه المدينة كثيرا بصناعة الزرابي، وتعرف هذه البلدية أيضا بمنطقتها الفلاحية الشاسعة التي يتم فيها زراعة الزعفران. وقد تم الشروع في إنتاج الزعفران بالمنطقة في سنة 2016 ويهدف لتطوير القطاع في كافة مناطق جهة درعة تافيلالت.

حقوق النشر © المكتب الوطني المغربي للسياحة، 2022