كلميم,
اكتشافات فن العيش الصحراوي خلال عطلة نهاية الأسبوع

ماذا سيكون الأمر إذا تتبعت خطى وآثار قبائل الرحل البدوية القديمة كيف، وأنت تقضي فترات استمتاع بين الاسترخاء والاكتشاف؟ تعتبر كلميم عاصمة جهة كلميم واد نون، وستوفر لك كل الظروف للاستمتاع بعطلة نهاية أسبوع لا تُنسى أبدا!

تربط هذه المدينة المحيط الأطلسي مع الصحراء الكبرى للمغرب، كما توفر إمكانية عيش عدد كبير من التجارب المختلفة والمتنوعة. ففي هذه المنطقة، يمكنك زيارة بساتين النخيل والواحات، استكشاف صحراء المنطقة، تذوق أطباق وأكلات متنوعة، اكتشاف الحرف التقليدية والثقافة المحلية إضافة إلى آثار عريقة يعود تاريخها إلى عصور ما قبل التاريخ، دون أن تنسى، في نفس الوقت، الاستفادة و الاسترخاء على طول شواطئها الجميلة. يتعلق الأمر إذن بكلميم، المدينة التاريخية العريقة التي استقر بها السكان منذ عصور ما قبل التاريخ، والوجهة التي ستوفر لك ظروف المتعة، الهدوء، المفاجآت والاكتشافات.

اليوم الأول

اكتشف منذ اليوم الأول من زيارتك لكلميم أسلوب حياة الأجداد العريق! تشكل الثقافة الحسانية اليوم أحد أسس الهوية المغربية، بفضل اندماج التقاليد العربية والأمازيغية. تشير هذه الثقافة إلى دور ومكانة القبيلة، حسن الاستقبال، كرم الضيافة والمحافظة على تقاليد الأجداد: ستكتشف، من خلال زيارتك لكلميم، مدى الحضور القوي لهذه القيم بشكل كبير في الحياة اليومية لسكان المنطقة. بعد تناول إفطار صحراوي مكون أساسا من خبز “مبورة”، قطع من “الجبن”، وعاء من حساء الشعير وبعض حبات التمر، توجه إلى الأسواق المنتشرة في المدينة وانغمس داخلها.

شاهد المزيد

بالنسبة للحرف التقليدية، دع نفسك تنجذب نحو الأزياء والملابس التقليدية الخاصة بالمنطقة: “الملحفة”، بالنسبة للنساء (لباس ملوّن يغطي الجسم يتميز بكونه فضفاضا لتفادي الحراراة)، ولباس “الدراعية” بالنسبة للرجال، ذو اللون الأزرق في الغالب. بخصوص المنتجات الحرفية اليدوية (الوسائد، الكؤوس، أواني الشاي، أواني الطبخ،…) والتي تصنع من جلد الماعز، فبدورها تعتبر جزءا لا يتجزأ من الخبرة والحنكة العريقة للأسلاف القدماء، حيث ما تزال هذه الخبرة تنتقل من الأم إلى ابنتها جيلا بعد جيل. تستخدم نساء المنطقة المجوهرات الفضية بشكل أساسي لتزيين أيديهن وشعرهن أو لتغطية أعناقهن. اسمح لنفسك بالتعرف على أساور الأقدام، الخلاخل وباقي التحف والمجوهرات التي تستعمل للزينة، حيث ستجد نماذج عديدة منها تعرضها تعاونيات المدينة.

بعد الانتهاء من جولتك في أسواق المدينة، اتجه ناحية الجنوب الشرقي للاستمتاع بما تكتنزه القصور والقصبات التقليدية التي تزخر بها المنطقة. يعتبر قصر آسا أكثر هذه المواقع إثارة للإعجاب من دون شك، وهو عبارة عن قرية محصنة بالكامل، تم تأسيسه فوق تلّ في القرن الثالث عشر. يعد هذا القصر من بين أكبر القصور على مستوى المملكة بأسرها، حيث تبلغ مساحته 3 هكتارات، كما استفاد من خطة كبيرة لإعادة تأهيله وترميم بناياته مؤخرا.

اتبع بعد ذلك خطى وآثار قبائل الرحل الأوائل الذين استقروا بهذه المنطقة، من خلال زيارة النقوش الكثيرة التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ والتي تم اكتشافها بالمنطقة. يقع اللوح الصخري أزرو اكلان عند سفح جبل تاسكالا الواقع في أسفل واد جاف تغطيه أكثر من 10 آلاف رسم. تبرز هذه النقوش العريقة رسوما لشخصيات بشرية وحيوانات، كما تقدم معلومات وإشارات هامة للغاية بخصوص نمط وطريقة عيش هذه المجتمعات في عصور ما قبل التاريخ. للاستفادة أكثر من رحلتك هذه لاستكشاف هذا الموقع المحمي وفك ألغازه، ينصح بالذهاب إليه رفقة أحد المرشدين المرخص لهم.

لا تفوت:
يعتبر موقع أدرار نزرزم أحد المواقع الرئيسية الهامة في منطقة وادي الصياد بإقليم كلميم. يضم الموقع مجمعا أثريا مهما للغاية ويتكون من نقوش صخرية ومقابر قديمة. تشهد الرسوم التمثيلية للحيوانات الأليفة، على وجه الخصوص، على أن الثور كانت له مكانة مهمة جدا لدى السكان الذين استوطنوا المنطقة، كما تشير أيضا إلى تواجد مراعي في المكان خلال عصور ما قبل التاريخ.



اليوم الثاني

تعتبر المغامرة في بوابات الصحراء وسيلة أيضا للاستفادة من العديد من الواحات التي تزخر بها المنطقة. ولعل أشهر الواحات الواقعة في ضواحي مدينة كلميم (17 كيلومترا) هي بلا شك واحة تغمرت، عاصمة الصحراء سابقا، خلال العصور الوسطى وحتى القرن الخامس عشر. تصنّف هذه الواحة ضمن أقدم الواحات في الجنوب المغربي، وقد نجحت مع مرور الأزمنة في الحفاظ على استقرار سكانها بالمنطقة. فقد كان سكان الواحة سابقا من الرحل الذين يتنقلون بانتظام، قبل أن يستقروا بها معتمدين في حياتهم على نمط الإنتاج الفلاحي والزراعي. ومنذ ذلك الحين، وهم يقومون بالاشتغال على زراعة قطع أرضية صغيرة، موجهة أساسا لإنتاج محاصيل غذائية وما يحتاجونه في يوميات حياتهم. تأتي عائلات من المنطقة إلى واحة تغمرت بغرض التنزه فيها، إما على طول الوادي أو في بستان النخيل أو تحت ظلال أشجار النخيل التي تغطي المنطقة. فبفضل حدائقها المتدرجة وينابيع الماء العديدة التي تتوفر عليها، تقدم الواحة مناظر بانورامية مذهلة للغاية.

للاستمتاع أكثر بعطلة ممتعة، توجه في الطريق المؤدية إلى منطقة وادي تفنوت. يقع هذا الوادي في الجنوب الشرقي لجبل توبقال، وهو مكان مشهور وسط ممارسي رياضة المشي لمسافات طويلة ومحبي ركوب الدراجات في الجبال. يتعلق الأمر بمحطة رائعة تزخر بشلالات ونباتات متنوعة، توفر كافة ظروف الاستمتاع بلحظات استجمام مريحة. إذا كنت ترغب في استكشاف المزيد، فواصل السير لمسافة نحو مئة كيلومتر بالاتجاه إلى بحيرة إفني. وهي مكان جميل تحيط به جبال شامخة من كل الجوانب، ويحظى بتقدير واهتمام كبير من قبل عشاق التنزه في المناظر الطبيعية. كما يهتم الصيادون بدورهم كثيرا بالبحيرة، نظرا لتواجد سمك السلمون فيها بوفرة. وهي فرصة لتنظيم نزهة وللاسترخاء على جانب الماء.

هل تريد معرفة المزيد بشأن كل ما يتعلق بساكنة منطقة كلميم؟ لا تتردد في زيارة متحف ذاكرة الرحل الذي يقع في قلب واحة تغمرت. فقد قام مالكو هذه القصبة القديمة “كارافان سراي” (فندق)، التي يزيد عمرها عن 300 عام، بجمع عدد كبير من القطع خلال مدة تجاوزت أربعين عاما قبل عرضها داخل هذه المعلمة التذكارية. ستجد هناك مصابيح، أدوات من الفخار، مجوهرات، زرابي، أزياء، ملابس، أطباق وأدوات: تقدم لنا هذه الأشياء شهادة فريدة من نوعها حول أسلوب وطريقة العيش، الطقوس والحياة اليومية لقبائل الرحل البدوية. قبل مغادرتك لهذا المكان، توجه للقيام بجولة في الحديقة النباتية أليكس وأليساندرو – التي تضم بين جنباتها مختلف نباتات العصارة التي توجد في المغرب- واستمتع بنزهة ممتعة في مختلف ممراتها.

شاهد المزيد

كما يمكن، للذين يرغبون في ذلك، التوجه إلى شلالات فاسك، ناحية الغرب، أو زيارة قرية زريويلا التي تقع في اتجاه الشرق على الطريق المؤدية إلى مدينة طانطان. يشتهر هذا الدوار، الذي يقع في قلب مناظر طبيعية خضراء مميزة، بمنازله التقليدية المشيدة من الطوب اللبن، حيث تم بناؤها حول منبع مائي.

على بعد ساعة واحدة سيرا من كلميم، قي ناحية الشمال الشرقي للمدينة، تقع محطة توقف أخرى تستحق الزيارة: بستان نخيل تغجيجت. يتواجد هذا الحقل في قلب المناظر الطبيعية شبه الصحراوية للأطلس الصغير، وتمدّه عدد من العيون بالمياه على مدار العام، فيما يشتهر في جميع أنحاء المغرب بالتمور التي تنتج فيه وخصوبة تربته. تستفيد كل عائلة من عائلات القرية (من نسل القبائل الصحراوية القديمة) من المياه اللازمة لسقي أراضيها بفضل نظام ري موروث منذ القدم ودقيق للغاية في تقاسم هذه الموارد. يتواجد في وسط بستان النخيل سوق قديم يتميز بهندسة معمارية محلية ويشهد حركية كبيرة كل يوم خميس، خلال انعقاد السوق الأسبوعي للمنطقة. تتواجد على جانب هذا السوق جدران قصبة قديمة لا يزال يقطنها جزئيا عدد من شيوخ القرية والسكان الذين استقروا بها منذ القدم. بدورها تهيمن أنقاض قصر قديم محصن على بستان النخيل وتدل على الأهمية الاستراتيجية التي كان يكتسيها الوصول إلى هذه الواحة في الماضي.

لا تفوت: توقف، أثناء زيارتك لـواحة تغمرت، عند شلالات فاسك للاستمتاع بنزهة جميلة أمام منظر طبيعي رائع للغاية. اغتنم الفرصة للسباحة وسط المياه الخضراء التي تتغير من الزمردي إلى الأخضر البحري، وذلك حسب أشعة ضوء النهار.

المكان المفضل لدى هيئة التحرير

بالنسبة لعشاق الأماكن الهادئة، أو المشي على الشاطئ أو المغامرة بسيارات رباعية الدفع، عليهم أن يتوجهوا دون تأخّر للاستمتاع بالمناظر الطبيعية المحمية التي يزخر بها الشاطئ الأبيض! يقع هذا الشاطئ على بعد حوالي ستين كيلومترا من وسط كلميم، في موقع يواجه مباشرة منطقة جزر الكناري وسط الكثبان الرملية. يعود اسم هذا المكان إلى طياري شركة البريد الجوي “Aéropostale” الذين كانوا قد حلقوا فوق هذا الشريط الأبيض الطويل الممتد لمسافة تتجاوز خمسين كيلومترا. يشتهر كثيرا بمياهه التي توجد فيها كميات كبيرة من الأسماك، حيث يأتي الكثيرون إلى هذا الموقع إما لصيد عدد من أنواع الأسماك (سمك القاروس، الدنيس وكذلك البوري الأحمر والقرب) أو لجمع قنافذ البحر (وذلك عندما يكون الموسم مناسبا، وعادة ما يمتد من شهر يناير حتى يونيو).

إذا كان لديك يوما إضافيا…

إذا كان لديك يوما إضافيا، فاسلك الطريق لجهة الشمال الغربي للمدينة للذهاب إلى الساحل واستكشاف الخط الساحلي في اتجاه أكادير. تزخر هذه المنطقة بالعديد من الشواطئ الفريدة والأصلية، وهي مثالية للغاية لأجل الاسترخاء خلال أيام الصيف حيث تكون الحرارة في الصحراء مرتفعة جدا. ستكون سيدي إفني هي المحطة الأولى في رحلتك هذه. تم بناء قرية الصيد هذه على هضبة صخرية، وتتميز بحافتها الجميلة للغاية كما تشتهر بصيد الأسماك: السردين، الصول، الدوراد (الدنيس)، التونة … بعد تناولك لوجبة غداء دسمة، يمكنك المشي على طول الساحل بالاتجاه ناحية الشمال وتوقف عند شاطئ لكزيرة. يعتبر هذا الشاطئ من أجمل الأماكن في المغرب، بحيث تتخلله أقواس تكونت بواسطة مياه المحيط: موقع رائع يحبس الأنفاس بالفعل!

بعد هذه الجولة السريعة، حان وقت الإثارة. توجه إلى ميرلفت، حيث يمكنك الاستمتاع بتجربة الطيران الشراعي أو ركوب الأمواج أو حتى الاستمتاع بالطائرات الورقية العملاقة مع احتساء الشاي وأنت تضع قدميك وسط الماء.

حقوق النشر © المكتب الوطني المغربي للسياحة، 2022