48 ساعة في أصيلة،
عطلة نهاية الأسبوع تحت رمز الفنون والمحيط

هل ترغب في اكتشاف مدينة ذات سحر لا يصدق قبالة المحيط؟

اتجه إلى شمال المملكة للالتقاء بأصيلة، المدينة الصغيرة متعددة الألوان والملتصقة بالصخور. تمكنت هذه المدينة، التي كانت برتغالية في قديم الزمن، من الحفاظ على أصالتها وهدوءها، من خلال أسوارها التي تعود إلى القرن السادس عشر، أبوابها الملونة، أسواقها التقليدية وعبر روحها الفنية.

تشتهر المدينة بالفعل بمعارضها الفنية، لوحاتها الجدارية وموسمها الثقافي السنوي ذي الصيت الواسع. يتعلق الأمر بتجربة فريدة من نوعها ينبغي عيشها ولو لمرة واحدة على الأقل في العمر، لأجل استكشاف الفن المعاصر معروضا في الهواء الطلق وعند منعطف كل ممر وزقاق من أزقة المدينة. ستستمتع هنا، بين الاكتشافات الفنية والشواطئ الرملية الجميلة، بمحطة مثالية توفر كافة ظروف المتعة والاستجمام قبالة رذاذ بحر المحيط، والاسترخاء التام، سواء كنت برفقة العائلة أو مع الأصدقاء.

اليوم الأول

ابدأ يومك الأول بزيارة المدينة القديمة المحاطة بأسوار عالية تعود إلى القرن السادس عشر والتي شيدت خلال فترة الحكم البرتغالي. يتميز هذا الحائط المشيد بالحجارة البنية قبالة المحيط الأطلسي، عن باقي قلاع المملكة بطرازه المعماري ولونه النقي الساطع. يمكنك الولوج إلى المدينة القديمة عبر باب الحومر (المعروف سابقا باسم “بورتا دي فيلا”)، والذي يقود إلى برج يزيّنه شعار نبالة جيش ملك البرتغال. تجول في شوارع المدينة التي تكسو وتتزين جنباتها بالألوان البيضاء، الخضراء والزرقاء، ستبهرك من دون شك بهدوئها التام. ستتمكن أيضا من الاستمتاع باللوحات الجدارية الرائعة التي يرسمها على أسوار المدينة فنانون مغاربة وعالميون في كل سنة، وذلك بمناسبة موسم أصيلة الثقافي الدولي الشهير.

ستكتشف أثناء تجولك في القلب التاريخي للمدينة القديمة بوابات أخرى يمكن الولوج منها نحو المدينة العتيقة، مثل باب برج القمرة (Torre de Menagem) الذي بنيّ عام 1509، وهو الأثر الوحيد المتبقي من القلعة السابقة للحاكم البرتغالي. وهناك أيضا المسجد الكبير الذي تم تشييده بناءً على طلب من السلطان مولاي إسماعيل مكان كنيسة برتغالية قديمة، بدوره يستحق الزيارة والاستكشاف. بعد تناول وجبة الغداء، يمكنك خلالها تذوق طبق البيصارة المحلي أو طاجين السمك، اذهب للبحث عن بعض الأشياء المصنوعة يدويا، من خلال زيارة للبازارات المتواجدة في زنقة التجارة. ستجد بالقرب من سوق الخضر والحوت محلات تبيع البلاغي والنعال، المصنوعات النسيجية والزرابي وكذلك بعض القطع القديمة التي ستسعد عشاق الأشياء الأصيلة.

هناك منتجات ينبغي اكتشافها بالتأكيد، ومنها تلك التي يتم إعدادها من التوب والخوص التي تسمى هنا بـ“الدوم”، فيما تشتغل متاجر عديدة لبيع المجوهرات المتنوعة على مواد المرجان ومشتقاته، وكذلك الحرفيين صناع النسيج والأشياء غير المألوفة. إنها فرصة أيضا للذهاب إلى المعارض الفنية المنتشرة في جميع أنحاء المدينة القديمة من أجل الاستمتاع بمشاهدة وشراء بعض الهدايا التذكارية. لماذا لا تواصل رحلتك حتى تصل موقع برج القريقية؟ إنه المكان المثالي لاستنشاق الهواء المميز والرائع للمحيط الأطلسي، بينما تتناول حبات من الفول السوداني المحمص الذي يعتبر من الخصوصيات المحلية الخالصة.

توجه إلى قصر الريسوني الذي يعتبر جوهرة معمارية حقيقية في المدينة القديمة لأصيلة، وهو معلمة تم تشييدها على الطراز العربي الأندلسي! يقع القصر بالقرب من برج سيدي أحمد المنصور الذي يطل على المحيط، ويعود بناؤه إلى سنة 1910، فيما يعرف اليوم باسم “قصر الثقافة”. يتكون المبنى من طابقين، تم إعداد أرصفته برخام تم جلبه مباشرة من إيطاليا. أما جدرانه، فيغطيها الزليج فيما تزين العديد من التماثيل أسقفه. يتكون من عشر غرف للنوم، فناء كبير وغرف كانت مخصصة للاستقبال. شارك العديد من بنائي وحرفيي المنطقة في بناء هذه المعلمة وذلك تحت إشراف الحاكم السابق للمدينة، أحمد الريسوني. يحتضن القصر خلال موسم أصيلة الثقافي ورشات للرسم والنحت. توجّهْ أثناء مغادرة المكان إلى السور البرتغالي وتنزّهْ هناك على طول الأسوار العالية للاستمتاع بغروب الشمس فوق المحيط والمدينة القديمة.

لا تفوت: تقع المقبرة الإسلامية، الواقعة أسفل الأسوار، بجوار ضريح سيدي أحمد المنصور. وهي قبور يكسوها الخزف الأصفر، الأخضر و ​​الأزرق، تستحق بدورها أن تتم زيارتها.




اليوم الثاني

واصل رحلتك مع طلوع نهار اليوم الموالي بالتوجه لاكتشاف الجانب الجديد والحديث من مدينة أصيلة. بعد تناول وجبة إفطار شهية، تتكون من الشاي، الرغيف و قطع التشورو في ساحة الزلاقة، قم أولا بزيارة كنيسة سانت بارتيليمي القريبة من الساحة. لا يزال هذا المبنى الأبيض المهيب مفتوحا في وجه المؤمنين الكاثوليكيين إلى يومنا هذا، ويمكن زيارته خارج توقيت القداس. تتواجد بالقرب منه مكتبة الأمير بندر بن سلطان التي تتوفر على حديقة وعدد من الكتب والمؤلفات حول تاريخ المنطقة، ستكون مفيدة للأشخاص الذين يرغبون في معرفة المزيد حول المدينة والمنطقة بأسرها.

واصل سيرك نحو ميناء الصيد، وفيه يمكنك التوقف لتصوير قوارب الصيد التي تتميز بتنوع وتعدد ألوانها. اسلك بعد ذلك كورنيش شارع مولاي حسن بن مهدي ثم اختر أحد مطاعمه، حيث يمكنك الجلوس لتناول وجبة من اللحوم المشوية أو الأسماك المقلية، مع الاستمتاع في الوقت نفسه بإطلالة مميزة على البحر. واصل سيرك على طول الكورنيش حتى تصل إلى شاطئ أصيلة، وهناك، يمكن قضاء فترة ما بعد الزوال في السباحة والاسترخاء، سواء برفقة العائلة أو مع الأصدقاء. يتعلق الأمر بفضاء شاسع جدا من الرمال الناعمة، يكون هادئا للغاية خارج موسم السباحة، لكنه يشهد نشاطا كبيرا وحيوية خلال فصل الصيف. سيستمتع محبو الرياضة بممارسة بعض الأنشطة مثل كرة الطائرة الشاطئية أو كرة القدم على الشاطئ. كما يمكنك أيضا اكتشاف الامتداد الطويل للرمال الناعمة التي تغطي هذا الموقع بالركوب على ظهر جمل.

بعد هذه الاستراحة على شاطئ البحر، اسلك الطريق المؤدية إلى موقع كرومليش مزورة الأثري الذي يقع على بعد حوالي خمسة عشر كيلومترا جنوب شرق أصيلة في منطقة بالقرب من قرية شواهد. يضم الموقع مقبرة فريدة من نوعها في شمال إفريقيا تعود إلى ما قبل التاريخ. كما يمكنك مشاهدة نصب تذكاري صخري يتكوّن من 167 ألف حجارة وضعت هناك منذ آلاف السنين. يصل ارتفاعه إلى 6 أمتار، ويحكى أنها رُتبت على هذه الطريقة كي تزيّن قبر أحد الملوك السابقين. يوجد الموقع حاليا تحت الحماية وتروى بشأنه أساطير وحكايات عديدة، سيحكيها لك ويخبرك عنها أحد المرشدين المحليين المعتمدين بكل فرح.

لا تفوت: تعيش أصيلة خلال موسمها الثقافي على إيقاع حفلات وأمسيات الصيف. فرصة مثالية للاستمتاع بالتنزه على طول كورنيش المدينة. ستكتشف بالفعل، خلال هذه الأمسيات التي تمتد حتى وقت متأخر من الليل، أجواء احتفالية مميزة جنبا إلى جنب مع الباعة المتجولين، رواة القصص والحكايات، ألعاب الأطفال ومباريات في كرة القدم الليلية.
موعد هام يحظى بتقدير خاص من قبل الزيلاشيين (سكان أصيلة).

المكان المفضل لدى هيئة التحرير

إذا كانت منطقة أصيلة مليئة بالسواحل والشواطئ التي تتميز برمالها الذهبية، مثل شواطئ الرميلات (الشاسعة جدا والمحاطة بمنطقة خضراء) أو بريش (بمطاعم شاطئية) أو حتى سيدي مغايت (المتميز بمياهه الصافية)، فإن الوجهة المفضلة بالنسبة للكثيرين هي شاطئ لا رادا. يقع هذا الأخير على بعد حوالي عشرين كيلومترا من المدينة ويتعين عليك المشي على الأقدام على طول الطريق غير المعبدة قبل الوصول إلى قمة الكثبان الرملية المطلة على الموقع. يعتبر هذا الشاطئ المحمي الشاسع، الذي لا يعرفه السياح كثيرا، المكان المثالي للاستمتاع والاسترخاء. سيسمح لك الكوخ الذي يوجد على الكثبان الرملية لهذا الموقع بالاستمتاع بتناول وجبة لذيذة للغاية، كما يمكنك استئجار الكراسي الخاصة بالاستلقاء تحت أحد المظلات.

إذا كان لديك يوما إضافيا…

إذا كان لديك يوما إضافيا خلال تواجدك بالمنطقة، فتوجه نحو مدينة العرائش التي تقع على بعد حوالي خمسين كيلومترا جنوب أصيلة. تشتهر المنطقة بموقع ليكسوس الأثري الذي يتواجد في الضواحي غير بعيد عن مركز المدينة. يعتبر الموقع من بقايا من مدينة قديمة أسسها الفينيقيون في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وهي واحدة من أقدم المدن في شمال إفريقيا، وفيها يمكنك مشاهدة أنقاض الحمامات الحرارية القديمة ومسرحها المدرج. تحظى مدينة العرائش بشعبية كبيرة بين هواة ومحبي ركوب الأمواج، كما ستجذبك بالعديد من المعالم الأثرية التي تزخر بها مدينتها القديمة، مينائها وشاطئها.

حقوق النشر © المكتب الوطني المغربي للسياحة، 2022