آسفي
عطلة نهاية أسبوع مليئة بأنشطة الترفيه والاستكشاف

هل ترغب في الاستمتاع برؤية المحيط وتناول الأسماك اللذيذة واكتشاف تراث يعود تاريخه إلى قرون؟ آسفي توفر لك كل ذلك.

تقع هذه المدينة الصغيرة بين مدينتي الجديدة والصويرة، وهي محطة مثالية لاكتشاف ساحل المحيط الأطلسي! من خلال استكشاف تراث المدينة العريق في التاريخ وتقاليدها الثقافية والحرفية، ستشعر بأن هذه التجارب تأخذك في رحلة عبر الزمن للتعرف أكثر على تاريخ المغرب. بحكم التطور الذي شهده قطاع السيراميك والفخار، فإن آسفي تعتبر المكان المثالي للتزود ببعض القطع وبعض التذكارات الجميلة، مثل أدوات المائدة والديكور. أما الميناء الذي يتم فيه صيد سمك السردين، فيتيح لك فرصة تذوق أطباق السمك الأزرق الشهير والذي يتم تحضيره بأكثر من طريقة، إلى جانب أكلات خاصة ووصفات أخرى متنوعة لسمك القاروص الجميل. وبصفتها منطقة غنية بالثروات الطبيعية، فإن آسفي تضمن لك أيضا جوا ملائما للخروج في نزهة أو لممارسة مختلف الرياضات المائية. لذلك، يمكننا الجزم أنك ستجد كل ما تبحث عنه لقضاء عطلة نهاية أسبوع مميزة بهذه المدينة.

اليوم الأول

استهل زيارتك لآسفي بزيارة إلى ساحة محمد الخامس حيث تتواجد إحدى معالم المدينة المميزة. يتعلق الأمر بالطاجين العملاق الذي قام عدد كبير من الحرفيين والخزافين بالمدينة بإعداده وتزيينه. يبلغ قطر هذا الطاجين 6,3 مترا، أما ارتفاعه فيصل إلى 4,5 متر، حيث تم استخدامه سنة 1999 في إنتاج أكبر طاجين يتكون من كريات السردين. وهو إنجاز ظل مسجلا إلى اليوم في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، إذ ساهمت 200 امرأة في تحضير ما يقارب ستة أطنان من كريات السردين لملء هذا الطاجين الضخم !بعد ذلك، توجه ناحية شارع مولاي إدريس حيث يوجد المتحف الوطني للسيراميك. وهو محطة من شأنها أن تقربك أكثر لتتعرف على هذا القطاع الذي ينتشر بكثرة في المدينة. وأنت تمر عبر الحديقة العمومية لا تفوت زيارة ضريح أولاد بن زميرو، حيث يتواجد “مزار الإخوة السبعة”، وهو مكان يحج إليه اليهود، لكونه يضم رفات الفيلسوف والشاعرإبراهيم بن زميرو الذي عاش في هذه المنطقة خلال القرن الخامس عشر. وأنت تتقدم أكثر في شارع مولاي يوسف، ستتمكن من رؤية معلمة أثرية أخرى هامة، ألا وهي قلعة القشلة والتي تعرف حاليا بـ”دار السلطان”.

توجد في اتجاه القشلة قلعة قديمة من العهد الموحدي تستحق الاستكشاف، والتي ستساعدك على التعرف أكثر على تاريخ آسفي! يتعلق الأمر بمكان جميل يوفر إطلالة مميزة وشاملة لرؤية أسطح المدينة القديمة. تم تحويل هذه المعلمة في عهد الدولة العلوية إلى منتجع صيفي، ومن تم جاء اسم “دار السلطان” الذي يطلق عليها. كانت الأسوار المحيطة بهذا الموقع في أواسط القرن الخامس عشر تضم أيضا قلعة برتغالية زودت ببرج كبير نقش عليه شعار النبالة الخاص بالملك البرتغالي إيمانويل الأول، وهوالبرج الذي يطلق عليها في وقتنا الحالي برج الدار. بالقرب من حي الشعبة، توجد معلمة هامة من المعالم البارزة في المدينة والتي تستحق بدورها أن تستكشف، إنها سوق الخزف الذي يضم أعدادا من الورشات الخاصة بالأشغال الخزفية. تم إدراج هذا المكان ضمن التراث الوطني لكونه موقعا يجذب العديد من الخزافين منذ فترة حكم المرابطين. لا يزال هذا المكان إلى اليوم وجهة لجميع هواة ومحبي مشاهدة طريقة تحضير الصلصال وعمليات التقليب والترميم والصقل الخاصة بهذه الحرفة. على طول التل، يوجد ممر تسوق واسع بإمكانك زيارة المحلات والورشات الموجودة فيه والتي تقدم للزوار منتوجات مختلفة، ربما تعثر بينها على تذكار صغير أو شيء سيؤرخ لزيارتك هذه وسيبقيها خالدة في الذاكرة.

انطلق من تل الخزافين باتجاه زنقة الحدادين، وواصل طريقك داخل المدينة عبر باب الشعبة، والتي تعرف حاليا ببوابة الوادي. يمثل عبور هذا الباب طريقا مختصرا يتيح لك الولوج مباشرة إلى زنقة السوق، وهو مكان يتميز بالمحلات التجارية التي تقدم منتوجات حرفية متنوعة ومتعددة، حيث يمكنك زيارة هذه المتاجر وشراء ما تريده منها. وبالتعمق أكثر في المدينة، ستصادف عددا من المعالم الأثرية التي تلخص تاريخ المدينة، حيث يتواجد الجامع الكبير، والى جانبه توجد بناية الكاتدرائية البرتغالية التي شيدت عام 1519، وإن لم يتبقى منها حاليا سوى بعض الأطلال التي تعود للمعبد المحاط بالنوافذ الزجاجية الملونة. أما المسجد الكبير، فقد تضرر بدوره كثيرا إبان حملة شنها البرتغاليون على المغرب، وهو ما تطلب ترميمه وإعادة بناء بعض من أجزائه خلال فترة حكم السعديين. تابع السير حتى تصل إلى قصر البحر الواقع بالقرب من ساحة الاستقلال. تم بناء هذا القصر في القرن السادس عشر على يد البرتغاليين بهدف حماية المدينة ضد الحملات الخارجية. بعد الانتهاء من جولتك هذه، لا تنس أن تعرج على الميناء حيث تنتظرك فيه تشكيلة متنوعة للغاية من أطباق سمك السردين.

لا تفوت: أثناء تجولك بالمدينة، ستصادف أمامك عدة أكشاك متخصصة في صنع حلوى الماصابان أو المرصبان وعرضها للبيع، وهي نوع من أنواع الحلويات المسفيوية المصنوعة من معجون اللوز، والتي تقدم على شكل وجبة خفيفة في سائر أنحاء منطقة آسفي.

اليوم الثاني

بعد اختتام جولتك التاريخية، ما رأيك في استكشاف مختلف المناظر البانورامية التي تزخر بها نواحي آسفي والمناطق المجاورة لها؟ ستكون البداية من جنوب مدينة اليوسفية، حيث توجد المحمية الملكية للغزلان وبحيرة زيما، وهما منطقتان إيكولوجيتان تعكسان الثروة الطبيعية التي تزخر بها المنطقة، إذ تغطي بحيرة زيما لوحدها مساحة 600 هكتار. إنها المكان المناسب للاستمتاع بمشاهدة طيور النحام الأحمر وهي تحلق في الهواء، خصوصا خلال الفترة الممتدة من دجنبر إلى مارس.

شاهد المزيد

في منتصف الطريق، نضرب لك موعدا أيضا مع دوار العساسلة الذي يعتبر معقلا لتربية الكلاب من فصيلة السلوقي، بصنفيها العربية والبربرية. تشتهر هذه الكلاب التي توجد في شمال إفريقيا بسرعتها الكبيرة، لذلك تستعمل أساسا في الصيد. وللإشارة، ففي مدينة آسفي يتم تنظيم معرض خاص بالكلاب بشكل سنوي. غير بعيد من هذا المكان، يوجد ضريح سيدي شيكر الذي يعد أحد أقدم المعالم الأثرية في المنطقة. وبمحاذاة هذا الضريح، يوجد على الطريق المؤدية إلى رأس العين عدد من الإسطبلات الخاصة بتربية الخيول التي تستخدم للاحتفال بمواسم التبوريدة.

تزخر المدينة ببنية تضاريسية جميلة حيث ستأخذك في جولة استكشافية في أعماقها بفضل عدد من الكهوف والمغارات التي تزخر بها المنطقة. تقع مغارة شاركاركر المطلة على بحيرة زيما في نواحي اليوسفية على بعد حوالي عشرة كيلومترات في الطريق الإقليمية التي تربط آسفي بمراكش، وهي مغارة يصل عمقها إلى 400 مترا. في اتجاه الشمال، تضم المنطقة الواقعة بين كاب بدوزة وسيدي كرم الضيف أحد أهم الكهوف بالمنطقة، ويتعلق الأمر بكهف غار الكرعان التاريخي المعروف بالرسوم الصخرية التي تغطي جدرانه وجوانبه. وتوجد في المناطق المحيطة بكاب بدوزة عددا آخر من الكهوف والمغارات ، لعل أشهرها مغارة توفريت محضار التي تعد بمثابة مكان رائع يلامس الخيال في تصوراته.

لا تفوت: بعد جولة استكشافية في الكهوف والمغارات، ليس هنالك أفضل من قضاء بعض الوقت في الاستجمام على جنبات أحد الشواطئ الهادئة والمحمية في منطقة كاب بدوزة وكرم الضيف والصويرة القديمة، وكلها فضاءات لمتعة حقيقية وللاسترخاء.

المكان المفضل لدى هيئة التحرير

إذا كنت من محبي الألوان الغنائية الشعبية والتراثية، فلابد من اكتشاف فن العيطة! العيطة (تعني النداء) هي فن شعبي قديم يتميز بألحانه وإيقاعاته الجذابة، وبالحضور الوازن للشيخات على خشبة المسرح، حيث يحاولن نقل رسائل إلى الجمهور الحاضر في قالب غنائي مميز يحمل معاني الحب والفرح والسعادة والمعاناة أيضا. أما العيطة العبدية، فهي الأخرى تمثل تراثا ثقافيا دائم الحضور في المحافل الغنائية بمدينة آسفي، وذلك من خلال المهرجان الوطني لفن العيطة. كل دورة من هذا الحدث تعتبر بمثابة فرصة للتعريف والتعرف على هذا اللون الغنائي وتعزيز مكانته ضمن الفنون الشعبية ووسط المجتمع.

إذا كان لديك يوما إضافيا…

لا تتردد في زيارة قلعة أكوز الواقعة على بعد أربعين دقيقة من مدينة آسفي. هذه القلعة بمثابة معلمة أخرى تؤرخ للإرث البرتغالي في المنطقة. بعد أن تخلى عنها البرتغالي في القرن السادس عشر، تم تغيير اسمها الأصلي حيث سميت باسم القرية الصغيرة المجاورة لها، فيما صارت تعرف هذه الأخيرة بالصويرة القديمة. هذه المنطقة تتوفرعلى شاطئ واسع مثالي لممارسة السباحة.

حقوق النشر © المكتب الوطني المغربي للسياحة، 2022