مراكش
نهاية الأسبوع للاستمتاع بالترفيه والاسترخاء،
بين الثقافة والطبيعة

هل تبحث عن مكان هادئ للاستمتاع بين التقاليد والحداثة؟ مراكش هي الوجهة المثالية لتحقيق ذلك. لا يوجد مكان آخر في المملكة يضاهي المدينة الحمراء في هذا الصدد، نظرا لما توفرها من ظروف مواتية وأجواء للمتعة والاسترخاء. بأضوائها وألوانها ورائحتها الساحرة، تدعوك مراكش إلى وقفة لا تنسى، وتوفر كل الأجواء لتعيش رحلة مثالية سواء برفقة العائلة أو مع الأصدقاء.

في مراكش تمتزج العصور والأزمان وتتلاقى مختلف التقاليد الخاصة بشتى مناطق الأرض، إنها المحطة المثالية لعشاق التاريخ والتراث، والمدينة التي توفر كل الظروف لمحبي التسوق والأمسيات المليئة بالمرح والنشاط. مراكش مدينة ساحرة بتناقضاتها وبمختلف أماكنها وبالعلامات التجارية الكثيرة التي توجد فيها، وكذلك بنجاحها في الحفاظ على الوجه الأصلي لهذا السحر الذي ينتمي إلى زمن آخر و الذي يعود إلى ألف عام.

اليوم الأول

أفضل مكان لتنطلق منه في جولتك في المدينة القديمة لمراكش هو الساحة المقابلة لدار الباشا، متحف الروافد حاليا، يبرز هذا المكان بوضوح الثراء والتنوع الكبير الذي تتميز به الهوية المغربية. بُني دار الباشا في الأصل كواحد من مساكن الباشا المعروف التهامي الكلاوي، ويتميز هذا القصر بزخرفة فخمة من الزليج، والجبص المحفور، وأعمدة ذات تيجان منحوتة، إضافة إلى أبوابه التي أعدت من خشب شجر الأرز وصنعت بشكل يدوي وبعناية كبيرة. إذا كنت ترغب في التوقف قليلا، فداخل هذا المتحف يوجد مقهى سيمكنك من السفر عبر الزمن والعودة فيه إلى الوراء.

بعد السير لبضع دقائق من هذا المكان، ستصل إلى سوق الشريفية الذي يضم في طابقه الأول كاري المبدعين. عند هذا الأخير، ستستمتع برؤية أشياء جميلة للغاية، مثل الأقمصة المطرزة بالسفيفا بأشكال جميلة، والكندورات ذات الألوان المختلفة، وحقائب اليد النسائية والتي تصنع من قبل حرفيي المنطقة، فلا تحرم نفسك من فرصة الاستمتاع بهذه الحرفة الفريدة من نوعها.

شاهد المزيد

وأنت تتجول في ساحة جامع الفنا، لا تفوت فرصة الاستمتاع أيضا بما تعرضه عدد من المحلات التقليدية المختلفة التي تحتفي بإبداعات ومهارات الصناع والحرفيين المراكشيين. وإذا كانت كل المسارات والأزقة داخل المدينة تؤدي نحو ساحة جامع الفنا، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن الأقصر بينها هي الأفضل. أثناء تواجدك وسط هذه الساحة الشهيرة، لا تتردد في تناول وجبة خفيفة، يمكن الحصول عليها من أحد الأكشاك التي توجد بعين المكان والتي تعرض إما الفواكه الجافة أو تلك الخاصة بالمعجنات التقليدية أو تلك التي تبيع الزيتون المتبل والمشرمل.

للتعرف على الروعة التي كانت الأزمنة القديمة تتميز بها، توجه إلى القصبة حيث يوجد قصر البديع الفخم. للوصول إلى هذا الأخير انطلاقا من ساحة جامع الفنا، يمكنك السير مشيا عبر زنقة رياض الزيتون الجديد. وإذا كنت من محبي التراث الشعبي، ففي طريقك يوجد متحف دار سي سعيد، المعبد الجديد للزرابي، ومتحف تيسكوين المعروف بدوره باسم متحف بيرت فلينت المخصص للحرف اليدوية، والذي يقدم رحلة عبر الصحراء بين مراكش وتومبوكتو. عند نهاية الشارع، يمكنك الولوج عبر البوابات الثقيلة إلى قصر الباهية، وهو بناية رائعة جدا شيدت على النمط العمراني العربي الأندلسي في نهاية القرن التاسع عشر، وذلك على مساحة تصل إلى 8000 متر مربع. يتكون قصر الباهية من رياض ومسجد وأحواض ومعارض وغرف واسعة، كما يجمع بين المساحات الخضراء الفخمة ومجموعة من الأشكال المزينة بزخرفة وبدقة عالية جدا. وعلى بعد خطوات قليلة فقط، توجد ساحة السمارين التي تم تجديدها مؤخرًا، حيث تصطف في جوانبها متاجر ومحلات خاصة بمختلف أنواع الحرف، بينما يُمتِع حي الملاح الزوار بما يزخر به من المتاجر والمحلات المتخصصة في بيع مختلف أنواع التوابل والأعشاب الطبية. أخيرا، ستصل إلى قصر البديع المعروف بكونه مكان “لا يشبهه أي مكان آخر”. بني هذا الصرح من طرف السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي للاحتفال أساسا بالانتصار الذي حققه على الجيوش البرتغالية في سنة 1578. لكن رغم أن القصر تعرض للدمار بأكمله في عهد السلطان مولاي إسماعيل، خلال نهاية القرن الثامن عشر، إلا أنه لا يزال يحتفظ ببعض بقايا رونقه والجمال الذي كان يمتاز به في الماضي، والذي يتجلى أساسا من خلال أحواضه وأجنحته المختلفة ومن الحائط الذي يكتسي هالة كبيرة، حيث تتخذ العديد من طيور اللقلق فوقه موطنا لعشها. تسلط الكثير من الأضواء على هذا القصر المميز خلال مهرجان مراكش للضحك الذي ينظم بشكل سنوي.

الوجهة المناسبة عند حلول الفترة المسائية بمراكش هي ساحة جامع الفنا، وذلك للاستمتاع بمختلف الأنشطة التقليدية والتلذذ بالأكلات والأطباق التي تشتهر بها مراكش. فبينما تبدأ التجمعات حول رواة الحكايات والكوميديين والموسيقيين ومقدمي عدد من الألعاب الشعبية المختلفة في قلب هذه الساحة، فإن الأكشاك التي تقدم أكلات متنوعة والمطاعم والمقاهي ذات المناظر الخلابة تجذب الحواس نظرا للمزيج الرائع من الألوان والروائح الشهية للغاية التي تنبعث منها. هنا ستجد لحم الكباب، الأسماك المقلية والحريرة، ولا تفوت الفرصة لتذوق أكلة الطنجية ورؤوس الأغنام والبابوش.

لا تفوت:
خلال فترة ما بعد الزوال، توجه إلى متحف فنون الطبخ للاستمتاع بكأس شاي قبل التوجه إلى ساحة جامع الفنا لتناول وجبة العشاء. فزيارته بمثابة تكريم للثراء الذي يتميز به فن الطبخ المغربي، من خلال استكشاف مكوناته الرئيسية وأشكال الحساء والأطباق الخاصة بالمناسبات ومختلف أنواع الحلويات.

اليوم الثاني

أحسن مكان لتنطلق به في رحلتك خلال اليوم الثاني من جولتك هو الساحة القريبة من مسجد الكتبية للتجوال بركوب إحدى العربات التي يجرها الحصان. سيمكنك هذا النشاط الذي يعتبر رئيسيا في المدينة من الانتقال من المدينة القديمة إلى الجديدة. بعد القيام بجولة قصيرة على إحدى الكوتشيات، ينصح بالتوقف في حديقة المنارة، البستان الذي تغطي مساحاته الشاسعة أشجار الزيتون والذي يعود إلى فترة الموحدين. وهو فضاء لا ينبغي تفويت التنزه فيه، إذ يظل جناح المنارة (وحوضها الأسطوري) أحد الأماكن المفضلة في مراكش لمتعة المشي.

مع حلول وقت الغداء، يكون حي جيليز وسط المدينة مليئا عن آخره بعروض ومشاهد رائعة. ففي زنقة ابن عائشة، يمكن أن تشم من مسافات بعيدة الروائح الشهية للمطاعم التي تقدم مختلف أنواع اللحوم المشوية والدجاج المشوي والطاجين المطبوخ على البخار، دون أن تنسى الطنجية وطبق المشوي الشهير.

بعد الانتهاء من تناول الغداء في أحد المطاعم بهذا الحي المعروف، ماذا عن الاستفادة من مرورك من جيليز لاستكشاف تراثها؟ يعود بناء هذا الحي إلى سنة 1913، ويعتبر أول امتداد للمدينة خارج أسوار مراكش العتيقة. وقد بات في وقتنا الحالي مرادفا للحداثة والمطاعم العصرية وأحدث العلامات التجارية، لكنه رغم ذلك ما يزال يحتفظ ببعض المعالم الدالة على ماضيه العريق.

ستتاح لك الفرصة للاستمتاع في شارع محمد الخامس وبكل ما حوله، وبالمقاهي ومحلات التسوق، وأيضا بعدد من الفنادق التي يعود تاريخها إلى فترة الحماية، حيث تعد جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية لسكان المدينة الحمراء.

خلال ساعات المساء توجه إلى حديقة ماجوريل. هذا المكان الذي لا يمكن تفويت زيارته بدوره ما يزال يواصل عامًا بعد آخر جذب الزوار من جميع أنحاء العالم، نظرا لجمال هذه الحديقة التي تتميز بكثرة الألوان وتنوعها، بحيث يتخللها اللون الأخضر والأزرق بشكل لا يمكن مقارنته مع غيره في أي مكان كان. إنها الحديقة الساحرة التي يرجع الفضل في تشييدها إلى الرسام جاك ماجوريل ومصمم الأزياء الشهير إيف سان لوران. يضم هذا الفضاء أكثر من 300 نوع من أصناف النباتات كما يوجد به متحف يبرز مدى غنى وثراء الثقافة الأمازيغية، والذي افتتح في سنة 2011 في الورشة القديمة للرسام الفرنسي. ويشهد هذا المتحف من خلال مجموعته التي تتكون من 600 قطعة على مدى إعجاب بيير بيرجي وإيف سان لوران بهذا الفن وهذه التقاليد التي لا تزال حية إلى يومنا هذا.

بالعودة إلى الحديقة، يوجد فضاء رائع في المتحف مخصص لإيف سان لوران، حيث يدعوك بدوره للانبهار أمام الإبداعات الجريئة للموضة. بعد هذه الزيارة التي طبعتها الألوان الجميلة، قد ترغب في تغيير ملابسك وارتداء أخرى خاصة بسهرة في إحدى المؤسسات الفندقية الكثيرة في مراكش، لأن هذه المدينة تشتهر على مستوى العالم بـ”الحياة الليلية”، إذ غالبًا ما تثير إعجاب ضيوفها الذي يستمرون في الاستمتاع بليالها حتى الساعات الأولى من الصباح.

لا تفوت:
من أجل الاستمتاع بفسحة فنية مغربية، اتجه إلى ملتقى تقاطع زنقة الحرية وزنقة يوغوسلافيا التي توجد في قلب حي جليز، حيث توجد بها عمارة تم بناؤها عام 1932 والتي تحتضن مركزا فنيا يستعرض مختلف جوانب التراث التاريخي للمدينة مع إعطاء الأهمية بشكل كبير للإبداع المعاصر. لا تتردد في الاستمتاع بجلسة في شرفة المركز الرائعة، حيث ستنعش بها نفسك وأنت تنظر من مكان مميز إلى الحياة في هذا الحي.

المكان المفضل لدى هيئة التحرير

إذا كنت تعتقد أنه ليس لدى مراكش المزيد من الأسرار التي تختزنها لك، فانتظر حتى تكتشف المزيد من خلال رحلة على مركبة خاصة ذات عجلات ثلاث! فمن خلال الرحلة التي يرافقك فيها الخبراء، ستجد نفسك تفكر بطريقة مغايرة، كما ستكتشف مناطق وأماكن تُبرز بوضوح الروح الذي يميز هذه المدينة ذات الوجوه المتعددة. إنها رحلة مميزة على متن هذه العربة العتيقة التي تشبه الدراجة النارية، والتي ستمر بك من المدينة القديمة وحي جيليز ومن تم إلى حي النخيل ولم لا الوصول إلى صحراء أكفاي أو حتى الطرق التي تمر بمحاذاة جبال الأطلس.

بالإضافة إلى اكتشاف أماكن ومناطق غير عادية ، فإن هذه الرحلة التي تمر في أجواء تطبعها الحرية التامة تمكّن الزائر من خلق صلة مع بعض الشخصيات البارزة التي طبعت تاريخ مدينة مراكش، ومن أبرزها نذكر على سبيل المثال، إيف سان لوران، وبيل ويليس، وونستون تشرشل، وسيرج لوتنس.

إذا كان لديك يوما إضافيا…

إذا كان لديك يوما إضافيا خلال إقامتك في مراكش فأفضل وجهة يمكن أن تتجه إليها هي منطقة أوريكا، المكان المثالي الذي يقصده المراكشيون الذين يبحثون عن المتعة والاسترخاء في الطبيعية. تقع أوريكا على بعد حوالي ثلاثين كيلومترًا من المدينة الحمراء، وتعتبر الوجهة المثالية لقضاء عطلةٍ في البادية. توجد قرية سيتي فاضمة الصغيرة في الجزء السفلي من هذه المنطقة، حيث ترحب بعشاق الاستغوار والسياحة الجبلية لاستكشاف شلالاتها. يمكنك بعد كل هذا الجهد الذي قمت به للوصول إلى المكان، الاستمتاع بطاجين تم إعداده من لحم البقر أو الماعز مع الخضروات أو البرقوق، والذي يعتبر من بين الأكلات الخاصة بهذه المنطقة.

شاهد المزيد

كما سيستمتع محبو الطبيعة باكتشاف منطقة اثنين أوريكا، وهي عبارة عن حديقة مليئة بالنباتات العطرية والتي تقدم نظرة شاملة حول مختلف أشكال استخدام النباتات الطبية والأعشاب. إذا صادفت رحلتك إلى المنطقة شهر نونبر، فلا تفوت فرصة التوقف في المكان الجميل الذي يعرض “الذهب الأحمر”. هذا هو التوقيت المناسب بالتحديد لكي تتمكن من التعرف ومشاهدة طريقة جني الزعفران والعمليات المرتبطة به في هذه المنطقة، حيث يتم ذلك بطريقة دقيقة للغاية. أخيرًا، وأثناء السير على الطريق نحو أوريكا، يمكن لمحبي الطبيعة والثقافة زيارة حديقة هي متحف أيضا، حيث سيكون من الجميل جدا التوقف للتنزه بين مختلف المناظر الطبيعية والأعمال الفنية الرائعة حد الخيال التي يزخر بها هذا الفضاء. تمتد هذه الحديقة على مساحة هكتارين، وقد تم بناؤها بهدف تكريم الفنانين المغاربة والأجانب الرائدين والاحتفاء بهم.

حقوق النشر © المكتب الوطني المغربي للسياحة، 2022