48 ساعة في شفشاون،
متعة نهاية أسبوع ساحرة في قلب الطبيعة

هل أنت من هواة الجبل والأماكن الطبيعية الواسعة، وتبحث في الآن نفسه عن وجهة تنبض بالحياة وتوفر لك العديد من الاكتشافات؟
بواجهاتها الزرقاء وأزقتها الضيقة وأبوابها المزينة بتفاصيل رائعة من الزخرفة وبتراثها الأصيل، تعتبر شفشاون الوجهة الفريدة التي ستمنحك فرصة الحلم والمتعة معا.

تم بناء هذه المدينة على ارتفاع 600 متر عن سطح البحر، على سفح جبل يبتعد بساعة من السير بواسطة السيارة عن مدينة تطوان. شفشاون مدينة على شاكلة لوحة فنية تلهم الزوار والمسافرين من جميع أنحاء العالم بألوانها الزرقاء، كما لو أنها تمركزت وسط الفضاءات الخضراء لمنطقة الريف. بالإضافة إلى جمالها هذا، فشفشاون موقع جذاب أيضًا بفضل أجوائها الهادئة وأصالتها وغناها في التاريخ. تقع “جوهرة الريف” في مكان سمح لها بالمزج بين عدد من التأثيرات الثقافية واللغوية: الأمازيغية والأندلسية والعربية. كما أنها تزخر بتراث ديني هام، حيث تتوفر على ما لا يقل عن 20 مسجدا و11 زاوية و17 ضريحا، لذلك تلقب “بالمدينة الصالحة” أو “بالمدينة المقدسة”.

وبالإضافة إلى تراثها الديني والمعماري، فإن عددا كبيرا من المواقع الطبيعية الرائعة تحيط بالمدينة: منبع رأس الماء، شلالات أقشور، قنطرة ربي الطبيعية، غابة تلاسمطان، مغارات توغوبيت… إضافة إلى مواقع أخرى. كلها أماكن مثالية للقيام برحلات ممتعة و الاستمتاع بلحظات رائعة رفقة العائلة أو الأصدقاء.

اليوم الأول

ابدأ زيارتك لشفشاون باكتشاف مدينتها القديمة، حيث تعتبر وجهة لا ينبغي تفويت زيارتها. للدخول إلى المدينة القديمة، يجب أن تمر عبر باب العين، الذي يعتبر معلمة رمزية هامة بشفشاون ويودن بانطلاقة رحلتك. خلال نزهتك في هذا المكان المميز، وحاول أن تنتبه إلى التفاصيل الدقيقة للأبواب والسلالم، ولا تنسى زيارة المعارض الفنية التي تقام بالمدينة. يمكنك أن تستمتع من حين لآخر بالهدوء الذي يطبع المدينة القديمة، وبالعروض التي تقام في الشوارع والتي تمزج بين الموسيقى والأغاني والأهازيج التقليدية. كما يمكنك الاستراحة قليلا في “ساحة وطاء الحمام” لتناول وجبة الغذاء وتذوق الأطباق المحلية التي يتم إعدادها بواسطة عدد من المواد والمنتجات المحلية. بعد الانتهاء من هذه الوجبة، احتسي كأس شاي شاوني محلي منعش، والذي يتكون من 7 أعشاب ذات منافع صحية تساعد كثيرا على الهضم.

الوجهة الرائعة وجهتك التالية ستكون “القصبة”، والتي يمكن الوصول إليها انطلاقا من ساحة وطاء الحمام. شيدت في القرن الخامس عشر من قبل مؤسس المدينة مولاي علي بن رشيد، ولا تزال إلى اليوم تعتبر معلمة كبيرة ورمزًا للتراث التاريخي لشفشاون. بنيت القصبة في قلب المدينة، وتحيط بها عدد من الحدائق، كما أنها تقع بجوار المسجد الكبير. كانت في السابق تضم بناية دينية يحميها حائط كبير، بمثابة حصن حقيقي، قبل أن يتم تحويلها إلى فندق وحديقة أندلسية بعد وصول الإسبان إلى المكان حوالي سنة 1920. لتصبح بعد ذلك سوقا في سنوات الخمسينيات. لم تحظى القصبة بالقيمة الكبيرة التي تتميز بها في وقتنا الحالي إلا قبل حوالي ثلاثة عقود، وذلك مع إنشاء المتحف الإثنوغرافي سنة 1985. قم بزيارة هذا الأخير وكذلك السجن القديم والحديقة الأندلسية، قبل الذهاب إلى أعلى القلعة للاستمتاع بالمنظر الذي تطل عليه.
بعد النزول، واصل رحلتك نحو منطقة رأس الماء التي تعد المنبع الرئيسي للمدينة، وفيها يمكنك شرب كأس عصير لذيذ وأنت تضع قدماك داخل الماء الذي ينهمر من المنبع، كما ستحظى بفرصة مشاهدة الإوز الذي يعيش في هذه المنطقة ويسبح في الماء. وعلى طول الطريق، ستجد عددا من المحلات الصغيرة التي تقدم مجموعة من المنتوجات الحرفية والمحلية، مثل ملابس أعدت من الصوف المضفر أو الجلد الطبيعي ، أو قطع من السلال: عروض متنوعة تتيح لك فرصة اختيار ما تريد.

خلال تناول وجبة العشاء، يمكنك استكشاف وتذوق عدد من الأطباق المحلية الخاصة بهذه المدينة كالبيصارة الخاصة بالمنطقة والتي تقدم مع زيت الزيتون. أما إذا كنت من محبي التجول في الليل ومشاهدة مناظره البانورامية العظيمة، فلا تتردد في الذهاب إلى برج المراقبة بوزعفر للتأمل في النجوم ومشاهدة أضواء المدينة التي تلمع مع حلول الليل. قبل العودة إلى إقامتك، قم بجولة في وسط المدينة، وبالضبط في ساحة وطاء الحمام، لتستمتع بأجواء ليلية مميزة ومريحة ستذكرك بنمط الحياة الموريسكية. في هذا المكان يجتمع عدد من الموسيقيين للعزف على الغيتار وهم يؤدون بعض المقاطع من الموسيقى العربية-الأندلسية على ضوء الشموع التي توضع فوق الطاولات بالمطاعم. إنها تجربة فريدة من نوعها.

لا تفوت: تشهد منطقة باب العين صباح كل يوم الاثنين والخميس تنظيم سوق يستحق الزيارة، حيث ستجد فيه أنواعا كثيرة من التوابل والزيتون والحبوب وعسل النبق، إضافة إلى مجموعة من النباتات العطرية والمنتوجات التي يتم إعدادها على المستوى المحلي. كما تعرض قطع الثوب أو القماش التي تسمى بالفوطة، حيث ترتديها نساء الريف فوق تنورتهن، وتتميز بزركشتها و ألوانها المختلفة.

اليوم الثاني

في اليوم الثاني من رحلتك، يمكنك أن تذهب إلى منطقة أقشور، التي تلقب بـ”الجنة المفقودة”، و التي لا تبتعد عن وسط مدينة شفشاون سوى بـ45 دقيقة من السير بواسطة السيارة. ستجد في هذا الوادي مناظر طبيعية خلابة تمتد وسط الجبال الخضراء، تخترقها وديان عميقة ومنابع ذات مياه عذبة، إضافة إلى الشلالات الطبيعية التي تشتهر بها المنطقة. للوصول إلى هذه الأماكن، يجب أن تركن سيارتك و تواصل مشيا، ولا تنس أن تأخذ معك أحذية مناسبة للمشي لمسافات طويلة. ولكي تكون التجربة مفيدة وغنية، يستحسن أن تستعين بخدمات مرشد سياحي معتمد من المنطقة. ستستغرق الرحلة للوصول إلى مكان تواجد الشلالات حوالي 3 ساعات. أما الوصول إلى قنطرة ربي، فسيتطلب منك ساعة من المشي فقط. يبلغ ارتفاع هذه القنطرة على شاكلة قوس صخري، 25 مترًا فوق النهر، وتعتبر بمثابة لوحة فنية مبهرة من إنتاج الطبيعة، حيث تشكلت نتيجة عملية التعرية التي تسبب فيها واد فردا، وفيها ستتاح لك الفرصة لتجديد نشاطك بالشكل الذي يحلو لك.

يدعوك الجزء الثاني من هذه الرحلة إلى المشي على طول الشلالات والتوقف لتناول أكلة طاجين قرب النهر. هناك، ستجد أيضًا ما يمكن أن يغريك من منتوجات فضية ومجوهرات صنعت من قبل حرفيي المنطقة. قم بجولة في واحدة من الخيمات المؤقتة المحافظة للبيئة التي أقيمت قرب المياه، حيث يمكنك الاستراحة فيها قليلا لاحتساء القهوة أو كأس شاي بعد وقت الظهيرة، في أجواء تخطف الأنفاس.

لا تفوت: ينتظرك المخيم الموجود في الأسفل للاستمتاع واللعب، سواء كنت برفقة العائلة أو مع الأصدقاء، ستتاح لك الفرصة لتجرب مغامرة تخطي الخيط المعلق بين جبلين.

المكان المفضل لدى هيئة التحرير

إذا كنت ترغب في الجمع بين المشي والتسلق، فانتقل إلى اكتشاف جبل القلعة (علوه يصل إلى 1600 متر فوق مستوى سطح البحر)، وهو المكان المناسب للمغامرات العائلية، أو توجه إلى جبل تيسوكة (+2000 متر، المناسب أكثر للرياضيين)، وهو جبل يحيط بالمدينة. وينصح بالاستعانة بأحد المرشدين السياحيين لمرافقتك في الصعود إلى قمة هذا الجبل.

بمجرد وصول هذه القمة، ستستمتع بإطلالة خلابة على المنطقة بأكملها والبحر الأبيض المتوسط. تستغرق رحلة الصعود إلى قمة الجبل والعودة منه حوالي يوما كاملا.

إذا كان لديك يوم إضافي…

من المستحيل ألا يعجبك منتزه تلاسمطان الوطني الذي تم افتتاحه سنة 2004، حيث يتميز بغاباته التي تفوح منها روائح عطرة تنبعث من أشجار الشوح والأرز والصنوبر. يقع المنتزه على بعد ساعة من السير بالسيارة شرق شفشاون، وتغطي غاباته مساحة تقدر بـ58950 هكتار في المنطقة الوسطى من الريف. يحظى المكان بسمعة جيدة وشهرة كبيرة بفضل تنوعه البيولوجي الكبير. فبالإضافة إلى الكهوف والوديان والمنحدرات، يمكنك مشاهدة أكثر من 239 نوعًا من النباتات وحوالي 40 من الثدييات بالمنقطة، بما في ذلك قرد المكاك البربري الشهير،. كل ذلك وسط زقزقة العصافير.، حيث تعيش أجواء وكأنك في حفل غنائي كبير، نظرا لتواجد أكثر من 100 نوع من هذه الطيور في هذه الغابة المميزة، كالعقاب الذهبي، الذي اختار أن يحط عشه بالمنطقة. صنفت الحديقة رسميا كمحمية للمحيط الحيوي العابر لبحر الأبيض المتوسط.

حقوق النشر © المكتب الوطني المغربي للسياحة، 2022