تارودانت،
عطلة نهاية أسبوع مليئة بالاكتشافات والترفيه والتسوق

هل تبحث عن مكان ساحر لقضاء عطلة هادئة بعيدا عن صخب المدن وقريبا من الطبيعة؟ الوجهة المناسبة لك هي تارودانت، المدينة التي تقع في قلب منطقة سوس، بين الأطلسين الكبير والصغير. لا تنتمي هذه المدينة الأصيلة إلى أحد المعابر السياحية الكبرى المعروفة في البلاد، إلا أنها منطقة غنية كثيرا ومتميزة، حيث تنتظرك للاستمتاع بحلاوة العيش بينما تكتشف ما تكنزه أسواقها من أشياء ومواد كلها تدل على مهارة فريدة من نوعها تفرّد بها سكان المنطقة في القدم وحاليا. تقع مدينة تافراوت، عاصمة الببوش (الحلزون)، على بعد كيلومترات قليلة فقط من تارودانت، وهي منطقة تدعوك بدورها لإعادة إحياء الاتصال مع التقاليد.

إضافة إلى ذلك، فمنطقة تارودانت تتواجد في قلب وادي سوس ويحيط بها الأطلس الكبير من جهة الشمال، والأطلس الصغير من ناحية الجنوب. كما تزخر بإمكانيات هائلة لتنظيم الرحلات والاستمتاع بركوب الدراجات الهوائية في مسارات جبلية مختلفة ومتنوعة. وهي كلها مؤهلات لا شك سترضي أذواق الرياضيين المبتدئين في هذا المجال كما المحترفين الذين يتوفرون على خبرة في المجال، حيث سيستمتعون معا بتخزين الهواء النقي.

اليوم الأول

للاستفادة أكثر من زيارة تارودانت، خذ الوقت الكافي لاستكشاف أزقتها التاريخية سيرا على الأقدام. تحافظ المدينة العجيبة المتوارية خلف أسوار عالية وردية اللون، على التنظيم التقليدي الذي يميز المدن العتيقة للمملكة. كما تزخر بالعديد من الأسواق، تنتظرك جولة مميزة فيها بالانتقال من محل إلى محل ومن دكان إلى آخر. ففي سوق الحرفيين، تصطف جنبا إلى جنب العديد من المحلات المتخصصة في عرض وبيع المجوهرات، الزرابي، السيراميك، السلال، وحتى السلع الجلدية. يتواجد كذلك بالقرب من ساحة النصر عدد من التجار الذين يقدمون وصفات للعلاج بالأعشاب الطبيعية، وآخرون يبيعون التوابل والنباتات التي تنتج خصيصا بالمنطقة. إذا كنت مغرما بالمواد والأشياء التي يتم إعدادها من معدن الفضة، مثل الخناجر والبنادق الاحتفالية، فستعثر من دون شك على ما تبحث عنه في متاجر تتواجد بهذا الحي، وهي محلات متخصصة في بيع التحف.

شاهد المزيد

كما تعرض بعض المحلات الصغيرة بالمدينة منتجات زيت الأركان الذي يصنف بالجوهرة الحقيقية والكنز الذي تتميز به جهة سوس ماسة. بعد الانتهاء من هذه الجولة وسط الأسواق، سيقودك السير في زقاق مباشرة إلى ساحة العلويين التي كانت تُعرف سابقا باسم “ساحة أسرَاكْ”. يعتبر هذا المكان القلب النابض لمدينة تارودانت، إذ يشهد حيوية ونشاطا كبيرين خصوصا خلال فترات المساء. وهو المكان المناسب للاستمتاع بجلسةٍ لتناول وجبة الغداء أو شرب الشاي، خصوصا إذا كنت ترغب في أخذ قسط من الراحة. وأنت تواصل جولتك بالمدينة، سترى من دون شك البناية الضخمة لدار البارود، المعلمة التي شيدت قديما بالقرب من ساحة 20 غشت، وتعتبر من أهم المباني داخل الأسوار الأكثر شهرة في تارودانت. تعني دار البارود حرفيا “بيت البارود”، أما تاريخ هذا المستودع القديم للأسلحة، فيعود إلى زمن القرن السادس عشر.

تتواجد مدبغة تارودانت بالقرب من باب تارغونت، وهي مكان متميز للغاية يدعوك لاكتشاف الأسرار المتعلقة بصناعة الجلود. لأجل الوصول إلى هذا المكان بسهولة، لا تتردد في ركوب واحدة من عربات الكوتشي التي تجرها الخيول. يتم هنا في هذه المدبغة، تماما كما هو الحال في نظيراتها الكبيرة المتواجدة بكل من فاس ومراكش، دباغة جلود الماعز، الأبقار والإبل على الطريقة التقليدية من خلال وضعها في حمامات مختلفة و صباغتها بشكل طبيعي من أجل ترطيبها وتلوينها. تتواجد بالقرب من ورشات العمل هذه عدد من المحلات والمتاجر التي تعرض حقائب اليد أو النعال والبلاغي، وكذلك الزرابي المصنوعة من جلود لوّنت في هذه المدابغ.

لا تفوت: تتميز تارودانت بخصوصية استقبالها بشكل دوري لمربي الحمام، حيث يأتون إلى المدينة من جميع أنحاء المغرب لأجل المشاركة في المسابقات والمنافسات الخاصة بهذه الطيور. فمن خلال مراقبتك للسماء للحظات، قد تحظى برؤية سرب من الحمام الذي ينتمي إلى إحدى الجمعيات التي تنشط في تربية الحمام بتارودانت، حيث يدربون هذه الطيور بانتظام بغرض إعداد منافسات قادمة.

اليوم الثاني

بعد الاستمتاع بزيارة ممتعة للمدينة، توجه الآن لاكتشاف المناظر الطبيعية التي تزخر بها المناطق المجاورة لتارودانت. ولعل أفضل مكان لتبدأ منه رحلتك هو التوجه إلى بستان النخيل لمنطقة تيوت، الذي يقع على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا جنوب شرق تارودانت. يضم هذا البستان 20 ألف نخلة تمتد على مساحة تزيد عن ألف هكتار. كما يزهر بأشجار البرتقال، الرمان وأشجار الخروب، ويشكل أيضا فضاء رائعا للقيام بنزهات وجولات على ظهر الحمير يفرح بها الصغار كما الكبار. لا تنس استشارة أحد المرشدين كي يدلك على موقع المأوى الذي يمكن فيه تناول الطعام في ظل الغطاء النباتي الكثيف التي تتميز به المنطقة.

تبلغ ساكنة قرية تيوت بضعة آلاف، فيما تهيمن على المنطقة قصبتها البارزة التي يعود تاريخ بنائها إلى عهد السعديين، وهي معلمة تستحق بالفعل القيام بزيارة إليها خلال تواجدك بالمنطقة.

للاستمتاع أكثر بعطلة ممتعة، توجه في الطريق المؤدية إلى منطقة وادي تفنوت. يقع هذا الوادي في الجنوب الشرقي لجبل توبقال، وهو مكان مشهور لدى ممارسي رياضة المشي لمسافات طويلة ومحبي ركوب الدراجات في الجبال. إنها محطة رائعة تزخر بشلالات ونباتات متنوعة، توفر كافة ظروف المتعة للاستمتاع بلحظات استجمام مريحة. إذا كنت ترغب في استكشاف المزيد، واصل السير لمسافة نحو مئة كيلومتر بالاتجاه إلى بحيرة إفني. وهي مكان جميل تحيط به جبال شامخة من كل الجوانب، ويحظى بتقدير واهتمام كبير من قبل عشاق التنزه في المناظر الطبيعية. كما يهتم الصيادون بدورهم كثيرا بالبحيرة، نظرا لتواجد سمك السلمون فيها بوفرة. وهي فرصة لتنظيم نزهة والاسترخاء على جانب الماء.

بعد العودة إلى المدينة، ماذا عن جولة على متن دراجة هوائية؟ تعتبر الدراجة وسيلة النقل المفضلة والأكثر استخداما في تارودانت. إذا كانت هذه الفكرة تروق لك، فيمكنك الحصول على دراجة هوائية باستئجارها من أحد الرياضات أو من وكالة متخصصة في تأجير الدراجات لاستكشاف المدينة القديمة والتجول فيها. أما بالنسبة لسائقي الدراجات الجبلية VTT الهواة أو ذوي الخبرة، فأمامهم العديد من المسارات الطرقية المناسبة لكل مستوى، تعد فرصة أيضا لاستكشاف عدد آخر من المناظر الطبيعية الهائلة التي تتنوع بين تضاريس جافة، هضاب صخرية، وديان وممرات منوعة.

لا تفوت: تقع جماعة تمالوكت القروية على بعد حوالي خمسة عشر كيلومترا من تارودانت، وتعد عاصمة صناعة الفخار بالمنطقة. يمكنك الاستمتاع هنا، وسط أجواء ودية جميلة، بمشاهدة أشغال إعداد مواد وأواني من التربة وكذلك اقتناء أطباق تقليدية وجلبها معك إلى منزلك. تقوم بعض دور الضيافة في المدينة كذلك بتنظيم ورشات عمل إبداعية في عين المكان، إذا كنت ترغب في تعلم أساسيات صناعة الفخار، فيمكنك الاستفادة منها.

المكان المفضل لدى هيئة التحرير

تعتبر محمية غابة الأركان لتارودانت أول محمية للمحيط الحيوي يتم تنصيفها من قبل منظمة اليونسكو في المغرب، وتغطي مساحة تصل مليونين ونصف المليون هكتار، بحيث تعد أكبر منطقة جبلية لشجر الأركان في البلاد. يشكل شجر الأركان مع سلسلة إنتاجه وتقييمه المورد الاقتصادي الرئيسي بالمنطقة. بالإضافة إلى دعم تنمية المنطقة، فالمحمية تهدف كذلك إلى حماية واستخدام أشجار الأركان بطريقة مستدامة. تمتد المحمية على مساحة شاسعة حول تارودانت، كما تشكل فضاء رائعا لممارسة الرياضة أو مجرد المشي.

إذا كان لديك يوما إضافيا…

إذا كان لديك يوما إضافيا، فتوجه إلى تافراوت، البلدة الصغيرة التي تقع بين الجبال وتحافظ على سحرها التقليدي الخاص. تقع المنطقة على ارتفاع 1200 متر فوق سطح البحر، وتحيط بها قرى أصلية صغيرة وبستان نخيل تغطيه بساتين وحقول أشجار اللوز والزيتون. تشكل تافراوت نقطة انطلاق للقيام بالعديد من الرحلات المميزة، أبرزها تلك التي تتخذ وجهة لها إما ممرات آيت منصور الخضراء أو الصخور الزرقاء المذهلة التي أعدها الفنان البلجيكي جان فيران.

إلى جانب هذا، فمنطقة تافراوت تدين كثيرا بسمعتها للنعال والبلاغي التي تعتبر الأحذية المفضلة لسكان المنطقة. يرتدي الصغار والكبار بفخر هذه الأحذية ذات الألوان الزاهية والأنماط المميزة للمنطقة. ستجد عددا من البلاغي بأشكال غير نمطية، وذلك من خلال البحث جيدا بين المحلات. في الواقع، هناك عدد من الحرفيين الشباب الذي نجحوا في إدخال تعديلات وإضافة لمسات جديدة على هذه النعال، حيث يسعون لجعلها قادرة على الاستمرار في الارتقاء إلى مرتبة إكسسوارات الموضة والزينة بين الأجيال الشابة في المنطقة وخارجها.

حقوق النشر © المكتب الوطني المغربي للسياحة، 2022